حين يصبح الانتماء أداة للتغيير: لماذا نحتاج إلى المستشار الوطني؟

في زمن تتسارع فيه التحولات وتُستورد فيه الحلول، تبرز الحاجة إلى المستشار الوطني كصوت داخلي يفهم الواقع لا يُمليه. يناقش هذا المقال بعمق الدور الحاسم للمستشارين المحليين والشركات الوطنية مثل IDM في تقديم استشارات قابلة للتطبيق، متجذرة في البيئة والثقافة، وعابرة للتنظير المستورد.

حين يصبح الانتماء أداة للتغيير: لماذا نحتاج إلى المستشار الوطني؟
من المعرفة إلى الفاعلية: السيادة الفكرية في زمن العولمة الاستشارية


في ظل التحول الجذري الذي تمر به المملكة العربية السعودية، لم تعد الاستشارة مجرد وثيقة تُسلّم، أو عرض تقديمي يُبهر، أو نموذج مأخوذ من وادي السيليكون يُلقى فوق بيئة لم تنبت فيه بعد. بل أصبحت الاستشارة، في جوهرها، فعلًا سياديًا؛ فعلًا يعكس قدرة مجتمع على إنتاج أدوات تفكيره، لا استيرادها من الخارج، مهما بدا لامعًا أو ناضجًا.

المستشار الوطني: ليس مجرد "خبير"، بل "مستشار وطني"

الفرق الجوهري بين "الخبير" و"المستشار" لا يُقاس بالمؤهلات وحدها، بل بالبوصلة. الخبير قد يعرف الكثير، لكنه لا يدرك دائمًا أين يقف. أما المستشار الوطني، فهو ابن المكان، يعرف تضاريسه الثقافية، وخرائطه الاجتماعية، ويُدرك أن الحلول لا تولد في معزل عن اللغة، والعرف، والنفسية الجمعية. حين يدخل المستشار الوطني بيئة العمل، لا يحمل معه حلولاً جاهزة بقدر ما يصغي، يتأمل، ويعيد تفكيك المشكلات بأسلوب محلي لا يستعير النظريات فقط، بل يختبرها على أرض الواقع.

لماذا لا تصلح بعض الاستشارات الأجنبية رغم عمقها؟

لأنها تفترض دائمًا أن كل بيئة قابلة للتعديل كما هو الحال في المعامل. تتجاهل أن الإنسان ليس مجرد رقم في نموذج تشغيلي، بل هو نتاج منظومة من القيم، والسلوكيات، والتوقعات الاجتماعية. ولهذا، كثير من خطط التحول تنهار لا لأنها ضعيفة نظريًا، بل لأنها تجهل ما لا يُكتب في الوثائق: الحوافز الخفية، والعقبات النفسية، وتاريخ المكان.

IDM: حين يتحول الانتماء إلى ميزة تنافسية

في هذا السياق، تبرز شركة دعم القرار للبحوث والدراسات IDM كمثال نوعي لا يُقاس بعدد المشاريع فحسب، بل بنسبة سعودة المستشارين فيها: 100%. هذه النسبة ليست مجرد رقم وطني، بل دلالة رمزية وفكرية بأن العقول المحلية، حين تُستثمر وتُؤهّل وتُؤمن بقدرتها على صناعة التغيير، تكون هي الأقدر على بناء حلول واقعية، قابلة للتطبيق، ومنسجمة مع نسيج المجتمع. IDM لا تبيع الاستشارات، بل تعيد تعريفها. لا تقدم وصفات مستوردة، بل تصنع حلولًا تُحاكي الواقع، لا تُناطحه. إنها تجسيد حي للفكرة التي يجب أن نؤمن بها جميعًا: أن السيادة الفكرية في التخطيط، لا تقل عن السيادة في السياسة والاقتصاد.

ليست المسألة مجرد "وطنية"... بل "فعالية"

قد يظن البعض أن الإشادة بالمستشار الوطني هي فعل عاطفي، أو انحياز قومي. لكن الحقيقة أكثر براغماتية: المستشار الوطني هو الأكثر فاعلية ببساطة لأنه يفهم السياق. يفهم كيف يتخذ المدير قراراته، وكيف يُفكر الموظف في عبء العمل و علاوتة السنوية و ترقيته، وكيف يُقاس النجاح في مؤسسة حكومية أو شركة عائلية. يدرك أن الكفاءة لا تكمن فقط في تقديم الحل، بل في جعله ممكنًا، مقبولًا، ومُرحبًا به اجتماعيًا.

 السيادة لا تبدأ من الاقتصاد، بل من التفكير

حين نُسلّم عقولنا للآخر كي يخطط لنا، ثم نستغرب حين تفشل الخطط، نكون قد فقدنا سيادتنا قبل أن نخسر مشاريعنا. وما لم يكن بيننا مستشار يفكر من داخل البيت، سيبقى البيت متأرجحًا بخطط صُنعت خارجه. الاستشارة الوطنية ليست رفاهية ولا خيارًا تجميليًا. إنها الضمان الوحيد بأن ما نُخطط له، هو حقًا ما نحتاجه، لا ما يُقترح علينا.